سورة ق - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (ق)


        


{وَأُزْلِفَتِ الجنة لِلْمُتَّقِينَ} قربت لهم. {غَيْرَ بَعِيدٍ} مكاناً غير بعيد، ويجوز أن يكون حالاً وتذكيره لأنه صفة محذوف، أو شيئاً غير بعيد أو على زنة المصدر أو لأن الجنة بمعنى البستان.
{هذا مَا تُوعَدُونَ} على إضمار القول والإِشارة إلى الثواب أو مصدر {أُزْلِفَتْ}. وقرأ ابن كثير بالياء. {لِكُلّ أَوَّابٍ} رجاع إلى الله تعالى، بدل من {المتقين} بإعادة الجار. {حَفِيظٌ} حافظ لحدوده.
{مَّنْ خَشِىَ الرحمن بالغيب وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ} بعد بدل أو بدل من موصوف {أَوَّابٌ}، ولا يجوز أن يكون في حكمه لأن {مِنْ} لا يوصف به أو مبتدأ خبره.
{ادخلوها} على تأويل يقال لهم {ادخلوها}، فإن من بمعنى الجمع وبالغيب حال من الفاعل أو المفعول، أو صفة لمصدر أي خشية ملتبسة بالغيب حيث خشي عقابه وهو غائب، أو العقاب بعد غيب أو هو غائب عن الأعين لا يراه أحد. وتخصيص {الرحمن} للإِشعار بأنهم يرجون رحمته ويخافون عذابه، أو بأنهم يخشون مع علمهم بسعة رحمته، ووصف القلب بالإِنابة إذ الاعتبار برجوعه إلى الله. {بِسَلامٍ} سالمين من العذاب وزوال النقم، أو مسلماً عليكم من الله وملائكته. {ذَلِكَ يَوْمُ الخلود} يوم تقدير الخلود كقوله تعالى: {فادخلوها خالدين} {لَهُمْ مَّا يَشَآءونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} وهو ما لا يخطر ببالهم مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
{وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ} قبل قومك. {مّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً} قوة كعاد وثمود وفرعون. {فَنَقَّبُواْ فِى البلاد} فخرقوا في البلاد وتصرفوا فيها، أو جالوا في الأرض كل مجال حذر الموت، فالفاء على الأول للتسبب وعلى الثاني لمجرد التعقيب، وأصل التنقيب التنقير عن الشيء والبحث عنه. {هَلْ مِن مَّحِيصٍ} أي لهم من الله أو من الموت. وقيل الضمير في {نَقَّبُوا} لأهل مكة أي ساروا في أسفارهم في بلاد القرون فهل رأوا لهم محيصاً حتى يتوقعوا مثله لأنفسهم، ويؤيده أنه قرئ: {فَنَقَّبُواْ} على الأمر، وقرئ: {فَنَقَّبُواْ} بالكسر من النقب وهو أن ينتقب خف البعير أي أكثروا السير حتى نقبت أقدامهم أو أخفاف مراكبهم.
{إِنَّ فِى ذَلِكَ} فيما ذكر في هذه السورة. {لِذِكْرِى} لتذكرة. {لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ} أي قلب واع يتفكر في حقائقه. {أَوْ أَلْقَى السمع} أي أصغى لاستماعه. {وَهُوَ شَهِيدٌ} حاضر بذهنه ليفهم معانيه، أو شاهد بصدقه فيتعظ بظواهره وينزجر بزواجره، وفي تنكير ال {قَلْبٌ} وإبهامه تفخيم وإشعار بأن كل قلب لا يتفكر ولا يتدبر كلا قلب.
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ} مر تفسيره مراراً.
{وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} من تعب وإعياء، وهو رد لما زعمت اليهود من أنه تعالى بدأ خلق العالم يوم الأحد وفرغ منه يوم الجمعة واستراح يوم السبت واستلقى على العرش.
{فاصبر على مَا يَقُولُونَ} ما يقول المشركون من إنكارهم البعث، فإن من قدر على خلق العالم بلا عياء قدر على بعثهم والانتقام منهم، أو ما يقول اليهود من الكفر والتشبيه. {وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ} ونزهه عن العجز عما يمكن والوصف بما يوجب التشبيه حامداً له على ما أنعم عليك من إصابة الحق وغيرها. {قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ الغروب} يعني الفجر والعصر وقد عرفت فضيلة الوقتين.
{وَمِنَ اليل فَسَبّحْهُ} أي وسبحه بعض الليل. {وأدبار السجود} وأعقاب الصلوات جمع دبر من أدبر، وقرأ الحجازيان وحمزة وخلف بالكسر من أدبرت الصلاة إذا انقضت. وقيل المراد بالتسبيح الصلاة، فالصلاة قبل طلوع الصبح وقبل الغروب: الظهر، والعصر. ومن الليل: العشاءان، والتهجد وأدبار السجود النوافل بعد المكتوبات. وقيل الوتر بعد العشاء.


{واستمع} لما أخبرك به من أحوال القيامة، وفيه تهويل وتعظيم للمخبر به. {يَوْمَ يُنَادِ المناد} إسرافيل أو جبريل عليهما الصلاة والسلام فيقول: أيتها العظام البالية واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء. {مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} بحيث يصل نداؤه إلى الكل على سواء، ولعله في الإِعادة نظيركن في الإِبداء، ويوم نصب بما دل عليه يوم الخروج.
{يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصيحة} بدل منه و{الصيحة} النفخة الثانية. {بالحق} متعلق ب {الصيحة} والمراد به البعث للجزاء. {ذَلِكَ يَوْمُ الخروج} من القبور، وهو من أسماء يوم القيامة وقد يقال للعيد.
{إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ وَنُمِيتُ} في الدنيا. {وَإِلَيْنَا المصير} للجزاء في الآخرة.
{يَوْمَ تَشَقَّقُ} تتشقق، وقرى {تنشق}. وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف وأبو عمرو بتخفيف الشين. {الأرض عَنْهُمْ سِرَاعاً} مسرعين. {ذَلِكَ حَشْرٌ} بعث وجمع. {عَلَيْنَا يَسِيرٌ} هين، وتقديم الظرف للاختصاص فإن ذلك لا يتيسر إلا على العالم القادر لذاته الذي لا يشغله شأن عن شأن، كما قال الله تعالى: {مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ واحدة} {نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ} تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتهديد لهم. {وَمَا أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} بمسلط تقسرهم على الإِيمان، أو تفعل بهم ما تريد وإنما أنت داع. {فَذَكّرْ بالقرءان مَن يَخَافُ وَعِيدِ} فإنه لا ينتفع به غيره. عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة (ق) هون الله عليه تارات الموت وسكراته» والله أعلم.

1 | 2